الاثنين، 17 يناير 2011

عادة لبس العباءة رمز للشيخة العربية والرابطة العشائرية الأصيلة



العباءة التي نسجت خيوطها من الراية العربية الكبيرة هي رمز العزة والكرامة العربية كما تدل على شرف العربي وتمسكه بعاداته وتقاليده فهي ليست مجرد لون من ألوان الزي التراثي العربي فحسب بل هي رمز يحفظ قيمنا وعوائدنا وثوابت مجتمعنا الثقافية فلها وظيفة لافتة وذات دلالات متباينة وتعكس طبيعة النسيج الاجتماعي عند بدو القنيطرة ومنظومة قيم أبنائها فقد احتل هذا الثوب الخارجي مكانة في سلوكيات الأفراد وعلى ألسنتهم وهي غطاء السترة عند البدوي فقد ارتدى البدو العباءة منذ قديم الزمان وهي التي تدل على السيادة والوجاهة وهي ترتبط بالتقاليد العشائرية فعندما تخرج العروس من منزل أهلها ترتدي العباءة للدلالة على مكانتها بين عزوتها ونخوتها وأهلها وأنها خرجت بثوب العفاف والعزة والجاه والسترة وعندما يرتدي العريس العباءة فذلك يعني أنه أصبح رب أسرة مسؤول عنها وهو سيد المنزل وعليه تقع المسؤوليات الكبرى في رعاية زوجته وأولاده والحفاظ عليهم تحت جناحه أو عباءته وهي مسؤولية مضاعفة عليه تقبلها والعشيرة كالأسرة الواحدة وبالتالي عند وفاة شيخ فلابد من تولي ابنه أو أقرب الناس إليه ومن يستحق زعامة عشيرته وتوليه أمرها وهكذا درجت عادة لبس العباءة عند البدو بالوطن العربي فهي مبايعة من قبل أبناء العشيرة لسيدهم وزعيمهم الجديد وهي واقعة نادرة الحصول في عصرنا الحديث بسبب تغير مفهوم الانتماء ومفهوم رابطة الدم فانتماء البدوي بعصرنا الحديث للوطن ومع ذلك فلابد من انتمائه لمنزله ولعائلته وعشيرته فالوطن والعشيرة هما كل متكامل لا يتعارضان, ففي السابق كان العربي قبيل الإسلام يكن مشاعر لعشيرته تصل إلى حد التقديس وكان دم أقربائه شيئا مقدسا لا ينبغي المساس به وللحفاظ على هذا الرابط لابد من وجود جسر يصل هذه العائلة ويحافظ على العرف والتقليد أي لابد من وجود زعيم ورئيس للعشيرة ومن تقاليد انتقال السلطة العشائرية لابد من إعلان تتويج الشيخ وهو لبسه العباءة التي ترمز للحميمية والدفء والرابطة القوية بين أفراد العشيرة الواحدة والتمسك بتلك الرابطة




الشيخ زعل باللباس العربي الكامل صورة من الستينيات
وبما أن البداوة هي مادة الإسلام والصحراء هي مدرسة الأمراء, فالعشيرة هي مقياس صغير لأمة عريقة لها عادات وتقاليد وتاريخ مشترك وتؤمن بأبنائها وتعمل على إسعادهم ولكل عشيرة شيخ وهذا الشيخ إما أن يكون بطريق الوراثة أو بطريق الاستحقاق وهذا الشيخ له ميزات ومن مميزاته أن يكون من ذوي الحسب والنسب ومن أهل البيوتات عملا بتوصية ابن عباس لعلي وللحسين ابن علي رضي الله عنهم عندما قال :"ولوا أهل البيوتات تستصلح بها عشائرهم" وهذا قول صحيح لان الحسب والنسب يفرض على الشيخ أن يشاور بني عشيرته بكل صغيرة وكبيرة وعليه أن يجالسهم وعليه أن يستمع إلى وضيعهم والى رفيعهم, ثانيا الوفاء إذا استعصى الوفاء في امة أثناها عن القضاء لان القضاء يحكم إلى الذين لا يعرفون الوفاء وأما العشائر فتبرز حقيقة الوفاء, ثالثا الأريحية وهي أن يكون الشيخ قادرا على أن يسمع ويسمع كلمته, رابعا أن يكون شجاعا ومقداما أي انه يأخذ الحق ويعطيه, خامسا أن يكون قابلا للهدى, وسادسا أن يكون بعيدا عن الأنانية أي انه لا يحب لنفسه مالا يحرمه على غيره, سابعا أن يكون قليل العتاب عملا بقول بشار ابن برد :
إذا كنت في كل الأمور معاتبا صديقك
لم تلق الذي لا تعاتبه 



سابعا أن يؤمن بحق الجار والإجارة والاستجارة واذكر لكم قصة صغيرة انه جاء أعرابي لأحد الشيوخ يوما من الأيام وطلب منه حق الإجارة فقال أجيرك من الجن والإنس فقال الأعرابي هذا لا يكفي فقال الشيخ ماذا تريد أيضا قال أن تجرني من الموت فاعتذر الشيخ عن هذا فجاء إلى شيخ آخر وطلب منه حق الإجارة من الجن والإنس والموت فقال الشيخ لك ذلك فقال الأعرابي كيف تجرني من الموت قال إذا مت في دياري ادفع دية إلى اهلك وهذا قول صريح
ثامنا أن يكون الشيخ قادرا على إحلال السلام وان يكون قادرا على وضع كل ذي حد عند حده, تاسعا أن يكون الشيخ مقداما ومسؤولا لان الشيخة كما تقول الأغنية البدوية
الشيخة ما هي بالجوخة
ولا لبس العباية 
يا بنية الجوخة صب القهاوي
زي العيون المروية 
الشيخة جر المناسف
بالسنين الردية




والمسؤولية تكون عندما يكون الإنسان ناضجا وواعيا وعندها يكون مدركا لما يفعل ولابد لهذه الصفات أن تكون متأصلة وموروثة في شيخ العشيرة
لقد كان صحابة رسول الله (ص) يتمنون أن لا يولوا ولا يكلفوا بأية مهمة خوفا من التقصير ولنا في عمر بن الخطاب رضي الله عنه قدوة حسنة حيث قال وهو في المدينة المنورة "والله إذا عثرت دابة بأرض العراق لخشيت أن يسألني الله عنها" وعندما تمت مبايعة ابو بكر الصديق رضي الله عنه قال : "أيها الناس إني قد وليت عليكم, ولست بخيركم ,فان أحسنت فأعينوني, وان أسأت فقوموني, الصدق أمانة, والكذب خيانة, والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق إن شاء الله, والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله, أطيعوني ما أطعت الله ورسوله, فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
نحن نعتز بعروبتنا وأصالتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة, يتعلم الشباب من الكبار الأعراف والتقاليد الأصيلة, قد يدور في ذهن الكثيرين وخاصة الشباب ماذا تعني الشيخة وماذا يعني لبس العباءة أقول لهم بأن الشيخة أمانة, الشيخة مسؤولية, لقد كان الشيخ مسؤول عن أسرته فقط أما يوم لبسه للعباءة فقد أصبح مسؤولا عن عشيرة بكاملها انه أصبح أب للجميع وأخ للجميع يحل الخلاف ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم وبالتالي لابد من اختيار البذرة الصالحة من النبتة الصالحة فالشيخ هو حامي العشيرة ولسان حقها ورمز رجولتها كابر عن كابر فهو زعيم هذه العشيرة من لحم ودم وهو مشخص وملموس وفي متناول الجميع يمكن لأي كان الوصول اليه وفي أي وقت كان لاسماعه ماقد يكون لديه من شكاوى فهو شيخ بلغ مكانه بفضل مزايا ومؤهلات وضعته تحت تصرف الناس وفي خدمتهم، اختاره أبناء عشيرته من بينهم، يعرفه القوم ويعرفهم، ويطلب رأيهم ويأخذ مصالحهم بعين الاعتبار، ولا ينفرد برأي أو قرار، بل يشاورهم في كل شأن . إنه منهم وإليهم، وهم على باله وفي خاطره، مصلحتهم - لا مصلحته الخاصة أو الشخصية - هي التي توجهه وتملي خطواته، ولا رهان له غير رهاناتهم، فهو ليس فقط رمزهم، بل كذلك محقق العدل والعدالة في مجتمعهم (عشيرتهم)، لذلك تراه يتابع - في تقليد واضح وحرفي لسلوك سيدنا عمر رضي الله عنه، رمز الحاكم العادل عند كل العرب والمسلمين - شؤون فقرائهم، ويهتم لما يطرأ على أيامهم من مفاجآت ونوائب، أو ينشب في ما بينهم من خلافات ويواجههم من مشكلات، ويحزن لحزنهم ويفرح لفرحهم، وهو يتصدى لمصاعبهم بالنيابة عنهم أو بمعونتهم، باذلاً في سبيل خلاصهم منها ماله وجهده، لذلك يكون أكثرهم سعادة متى تخطوها، وأكثرهم قلقاً إن علقوا فيها . هذه هي صورة الذين هم أهل الحكم والمشورة . أما من هم بقية أبناء العشيرة, فهم يشكلون مجتمعاً متآلفاً منسجماً، تقتصر منغصاته على مشكلات شخصية عابرة سرعان ما تحل، لا تعكر صفو الجماعة ولا تخرجها عن مسارها الحياتي الآمن . وهم كذلك جماعة أي العشيرة أو القبيلة العربية لا تعرف الظلم، إن جاع أحد منها سارع الجميع إلى إطعامه، أو نزلت بأحد نازلة تسابق الجميع إلى مواساته وشد أزره، فالإنسان في تفاعل وتواصل دائم مع غيره، وهو ينال حقه من العيش والكرامة، بغض النظر عن أحواله الخاصة، وينعم بقرب شيخه منه ووجوده الملموس في حياته، وبالوحدة العميقة والأخوية التي تربط المنتسبين إلى قبيلة تسوسها أعراف وتقاليد يعرفها كغيره، ويخضع لها طوعياً كسواه، إنه مجتمع الحق الطبيعي، الذي يصنعه ويقرر شؤونه أبناؤه الطبيعيون والمتساوون، ويجب أن تتكفل استعادة هذا التقليد العشائري العربي الأصيل بما كان في ماضيه من عدالة ومشاركة وحرية وكرامة وعدل، وبدفعه إلى مقارنته مع ما هو قائم في راهنه من أوضاع وعلاقات .




الشيخ زعل بالمزة-ماضي وحاضر ومستقبل-
ورغم اندثار هذه العادة تقريبا إلا أن قبيلة العجارمة بالجولان وبعد وفاة الشيخ عدنان بن زعل السلوم اختاروا شيخهم زعل بن ناصر السلوم في 18/8/1995 وكانت واقعة نادرة يفتخرون بها إلى يومنا هذا فمنذ أكثر من خمسين عاما لم يلبس شيخا عباءة بمراسم رسمية بكافة أنحاء الوطن العربي كما حصل عند العجارمة وهو حفل مهيب يعتز به ليس العجارمة فحسب وإنما الكثير من أبناء البادية العربية كونه حدثا استثنائيا ورمزا للتمسك بالعرف والعادات العربية الأصيلة وهي دليل على أصالتهم ووفاءهم الأبدي وكانت خطوة تدل على قوة الرابطة والوحدة والانسجام والتراحم فيما بينهم
ملاحظة : كلمات هذا المقال من خطاب الأستاذ خلف خشمان , الاستاذ أبو معن الحسيكي ,الشيخ دحام الطحان , الشيخ محمد النادر ، الكاتب محمد زعل السلوم، الكاتب ميشيل كيلو ، ومعظمها عن فيلم لبس العباءة لوالدي الشيخ زعل السلوم
ويمكن الحصول على مقاطع من الحفل عبر مراسلتي على الممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرى


الشيخ "عدنان السلوم" شيخ "العجارمة"...فاتن عساف (والله والنعم

نشأ في بيت عريق وتربى على عزة النفس والكرامة ونصرة الضعيف وإغاثة الملهوف وإكرام الضيف، وصنع صوراً جميلة من البطولات يتغنى بها كل من يتوق إلى الحرية.. الشيخ "عدنان السلوم" أحد أبرز الشخصيات التي ذاع صيتها في فترة العشرينيات من القرن المنصرم وهو أحد أبناء محافظة "القنيطرة". 




موقع eQunaytra ولمعرفة المزيد عن مسيرة وحياة الشيخ "عدنان السلوم" التقى الشيخ "زعل بن ناصر السلوم" وهو شيخ عشائر "العجارمة" في سورية منذ وفاة عمه الشيخ "عدنان السلوم" في منطقة "جديدة عرطوز" "بدمشق"، والذي تحدث قائلاً: «ولد الشيخ "عدنان بن زعل بن إبراهيم السلوم" من المهدي من طريف من عبدة من كهلان من قحطان عام 1916 في قرية "مويسة" الجولانية، وهو شيخ عشائر العجارمة في سورية منذ وفاة والده الشيخ "زعل السلوم" عام 1943 حتى وفاته.

تربى على يد والده الشيخ "زعل" تربية صالحة منذ نشأته وكان له مواقف شجاعة، كان مناصراً للحق فشهرته وسمعته الطيبة بقيت ذكرى بين الناس، إضافة إلى أنه كان مصلحا اجتماعياً بين جميع الناس من حاضرة وبادية وكان يقصده جميع الناس لحل مشاكلهم العالقة وعرف عنه إقدامه وفروسيته. اشتهر الشيخ "عدنان" بثلاث حوادث تعتبر جزءاً من تاريخ الجولان منها الاستيلاء على سبع مدرعات للجيش الانكليزي وإذلاله للقوة العظمى آنذاك، فردت بقسوة، إذ أحرقت بيت "السلوم" وما حوله بقرية "مويسة" الجولانية عام 1941».

ثم تابع الشيخ "زعل" حديثه عن الحوادث التي اشتهر بها الشيخ "عدنان السلوم" خلال حياته قائلا: «يعتز كثير من أبناء الجولان ممن عاشوا شبابهم تلك الفترة بما فعله الشيخ "عدنان السلوم" حين اقتحم السرايا بالقنيطرة بفرسه وهي تعود لوالده الشيخ 



"زعل السلوم""زعل السلوم" وتسمى (المريعية) حيث صعد بها الدرج إلى أعلاه ورفع العلم السوري يوم إعلان استقلال سورية بحضور زعماء الجولان وفرسانها بمدينة "القنيطرة" لتعزيز الحبور باندحار المستعمر الفرنسي والتأكيد على وطنية خالصة وحب عظيم للوطن وارتباط لا يوصف بالأرض.

وفي عام 1949 قاد الشيخ "عدنان السلوم" ثلة من المجاهدين للدفاع عن "فلسطين" فهاجم مستوطنة "عين زاغة" في منطقة "الحولة" بالجولان وتسمى آنذاك "بالكبانية" أي المستوطنة- فقتل ثلاثة مستوطنين وخلف عدداً من الإصابات بين صفوفهم بعد أن تمكن من الوصول إلى بوابة المستعمرة المحصنة تحصينا عسكريا فأصيب خلال العملية وتم نقله بسيارة قائد الجيش آنذاك "سامي الحناوي" إلى مدينة "دمشق" ومكث فيها أكثر من ثلاثة أشهر. 

في عام 1936 كانت حادثة الطاولة حيث طلب الأمير "فاعور الفاعور" الاجتماع مع المستشار الفرنسي لطلب العفو بحكم الإعدام بحق "زعل السلوم" وأولاده وبحضور زعماء الجولان الشيخ "أسعد كنج" والشيخ "فرحان الشعلان" والزعيم "شاكر بيك العاص" وزعيم بانياس "شاكر العرقاوي" والشيخ "حسين أفندي" زعيم "عين فيت" و"بيت بدر" زعماء "الزعوره" والحاج "عبد الرحمن بيك سعادي" و"عبد الرحمن باغ" و"عاصم بيك باغ" والشيخ "ممدوح الطحان" والشيخ "أحمد الحسين" وشيخ التجار "أبو فهد حمدي" و"شاكر أبو شاكر" ومختار "القنيطرة" "محي الدين هردوف" والشيخ "فارس العفاش" والشيخ "عيد المسعود" والآغا "فارس الآغا" زعيم التركمان


 عدنان من التاني من اليساروالشيخ "زعل الفارس البشاوات" و"حسان المريود" وكانت الجلسة بمنزل "عز الدين سليمان بيك".

يومها دخل الجلسة الشيخ "عدنان" متأخراً عن الاجتماع وكانت المقاعد ملأى، فطرح عليهم السلام وصعد فوق طاولة الاجتماع، فسأل المستشار من الذي جلس على الطاولة أمامه فرد عليه الشيخ "أسعد كنج" (هذا الشبل من ذاك السبع)، فخاطبه المستشار من أنت؟ فقال: أنا "عدنان السلوم" فرد المستشار "أنت محكوم بالإعدام ما سبب وجودك هنا" فقال: "أنا ابن الجولان حكمك الجائر لا يردني عن الاجتماع"، يومها أرسلوا برقية إلى الحكومة الفرنسية والبريطانية وقّع عليها جميع زعماء الجولان ومن كان بالاجتماع، وبعد ثلاثة أيام كان الرد بالعفو عن الشيخ "زعل السلوم" وأولاده من حكم الإعدام.

مما قيل بالشيخ "عدنان السلوم" راعي البلها نسب الى فرسه الذي اشتهر بها: راعي البلها بن سلوم/ يانطيحه ما يقوم/ شلفة رمح ودقة روم/ مخضبة بدم الشيخان..».

ثم تابع قائلا: «انتقل الشيخ "عدنان السلوم" وأخوه الشيخ "ناصر السلوم" وعائلتهما إلى مدينة "درعا" عام 1967 ثم عاد إلى مدينة "دمشق" بمنطقة "المزة" حي الفيلات الغربية وفي عام 1973 انتقل إلى "جديدة عرطوز" واستقر فيها.

 عدنان من التاني من اليساروالشيخ "زعل الفارس البشاوات" و"حسان المريود" وكانت الجلسة بمنزل "عز الدين سليمان بيك".

يومها دخل الجلسة الشيخ "عدنان" متأخراً عن الاجتماع وكانت المقاعد ملأى، فطرح عليهم السلام وصعد فوق طاولة الاجتماع، فسأل المستشار من الذي جلس على الطاولة أمامه فرد عليه الشيخ "أسعد كنج" (هذا الشبل من ذاك السبع)، فخاطبه المستشار من أنت؟ فقال: أنا "عدنان السلوم" فرد المستشار "أنت محكوم بالإعدام ما سبب وجودك هنا" فقال: "أنا ابن الجولان حكمك الجائر لا يردني عن الاجتماع"، يومها أرسلوا برقية إلى الحكومة الفرنسية والبريطانية وقّع عليها جميع زعماء الجولان ومن كان بالاجتماع، وبعد ثلاثة أيام كان الرد بالعفو عن الشيخ "زعل السلوم" وأولاده من حكم الإعدام.

مما قيل بالشيخ "عدنان السلوم" راعي البلها نسب الى فرسه الذي اشتهر بها: راعي البلها بن سلوم/ يانطيحه ما يقوم/ شلفة رمح ودقة روم/ مخضبة بدم الشيخان..».

ثم تابع قائلا: «انتقل الشيخ "عدنان السلوم" وأخوه الشيخ "ناصر السلوم" وعائلتهما إلى مدينة "درعا" عام 1967 ثم عاد إلى مدينة "دمشق" بمنطقة "المزة" حي الفيلات الغربية وفي عام 1973 انتقل إلى "جديدة عرطوز" واستقر فيها.



الشيخ عدنان بالزي المدنيفقد كان يدعو لاستمرارية التمسك بأرض الجولان وبالأخلاق العربية الأصيلة فهي رمز للشموخ والإباء وتعزيز لتضامن أبناء الأسرة الواحدة والعشيرة الواحدة والوطن الواحد وتأكيد للمواصفات الحميدة والترابط والتواصل».

الجدير بالذكر أن الشيخ "عدنان السلوم" هو من ساهم بإدخال المدارس على قرى الجولان بتعاون مع أعضاء مجلس النواب البرلمان السوري آنذاك مثل "شاكر بيك العاص" الذي كان وزيراً للتعليم آنذاك، وكان له دور إداري بتعيين مخاتير بقرى عشائر الفضل بالجولان، متزوج ولديه ابنة واحدة.

لباس بدو الجولان.. هوية العشائر العريقة

تعددت الفنون الشعبية، وازداد ووضح الاهتمام بها في شتى أنحاء العالم، حيث تعد الأزياء الشعبية وطرق تنفيذها وزخرفتها وألوانها فناً من الفنون له مقوماته وأساليبه وعناصره المتكاملة التي تجعل منه وحدة خاصة، وثيقة الاتصال بحياة الإنسان، فهي ليست مجرد كساء بل تتعدى وظائفها الحيوية الأولى بكثير. 




ولقد كانت الأزياء التقليدية في محافظة "القنيطرة" مجالاً للإبداع تنوّعت فيها أساليب الزخرفة والأداء، واختلفت أنماط التقنية على الرغم من الوسائل والأدوات البدائية، حتى إن تلك الأزياء وزخارفها اكتسبت إبداعاً متميزاً تتجلى فيه القدرة على استخدام المتوافر في البيئة المحيطة في أغراض
تفوق مكونات المادة نفسها، فكانت أصدق
"صورة للشيخ عدنان السلوم بالمزة 1972"
وسيلةٍ للتعبير عن ذوقها الخاص المتميز.

اللباس التقليدي لدى عشائر البدو في الجولان، يحمل دلالات ومعان ما زال يتوارثها الشيوخ وأتباعهم عن الآباء والأجداد، ويعتبرونه رمز كرامتهم وأصالتهم، به يعتزون ويرتاحون لارتدائه، ويعتبرونه مناسباً لطبيعة حياتهم من حلّ وترحال.

موقع eQunytra التقى الشيخ "زعل السلوم" شيخ عشائر العجارمة في سورية ليحدثنا عن اللباس البدوي ودلالاته، فقال:

* لباس الرجل:

«يتكون الزي الذي كان يرتديه الرجل البدوي بالجولان من "العقال"، الذي كان سميكا قبل أكثر من 100 عام، كما أن لباس الرأس يتكون من 3 أجزاء آنذاك فلباس الرأس يتكون من "البوال" الأصلي، وهو نوع من القماش، وفوق "الحطة" أو "الشورة" وتلبس العصابة من الحرير الخالص وخيطان الذهب، أما على الجسم فثوب من الحرير أبيض اللون وفوقه "زبون" رد، قبته من الأمام على شكل سبعة ومن فوق "الزبون" تلبس "العباءة" التي نسجت خيوطها من الصوف الكشميري وفوق الزبون يتحزم على خصره بزنار عريض ليضع المسدس فيه وهي من أيام العثمانيين وتسمى الرداني ومفردها الردنية، وكذلك يضع الخنجر، أما القصب فينسج من الذهب الخالص ومن فوق "العصابة" يوضع العقال».

وعن العقال الذي أصبح من مقومات اللباس العربي ومكملاً للباس الشعبي في الجولان تحدث الشيخ "زعل" قائلاً: «هو تاج الرجل العربي ورمز عزته وعنفوانه وإبائه، وتقول بعض الراويات إن السبب الحقيقي للبس العقال عند العرب، وخاصة بلاد الشام ومن ثم الجزيرة العربية، أنه عندما سقطت الأندلس قبل 500 عام قام المسلمون في الشام، بعصب رؤوسهم بقطع من القماش الأسود وذلك تعبيراً عن الحزن لضياع الأندلس من أيدي العرب، توارثت الأجيال تلك العصابة السوداء وتحولت بعد مرور الوقت إلى "العقال" وأصبح جزءاً من اللباس الشعبي للرجل ومكملاً لزينة اللباس،



وكان دليلا على الفخر عند البدوي، حتى إن الفارس العربي كان إذا دخل في سباق أو حتى معركة كما كانت العادة لدى أهل الجولان في ممارسة رياضة الفروسية في كافة المناسبات، يتلثّم ويلف "الشورة" على "عقاله" فترمز هذه الهيئة على الاستعداد للمعركة استعدادا كاملا، وأيضا تدل على الحزن ففي حالة العزاء أو الحرب أو الثأر يلف "شورته" على "عقاله" ويلتثم، هذا اللثام يدل على الغضب الشديد أو الحزن الشديد أو التحفز والاستعداد لمواجهة أمر ما كالدخول في صلح أو إعلانه، وبعد ها يقوم بفك اللثام عن "العقال" دليلاً على القبول بالصلح وعقد رايته وانتهاء الحرب والتوقف عن طلب الثأر».

ويضيف الشيخ "زعل": «كما يدل "العقال" على المساواة بين الفقير والأمير بغض النظر عن الزي الذي يرتديه فهو اللباس الواحد الموحد، وهو دليل للمساواة بين الجميع، حتى قيل تعبير (لبيس عقال) دليلاً على المساواة وأن الجميع عرب وأبناء عمومة، وهذا التعبير يدل على الاعتزاز الشديد بهذا الرمز فيقال (نحنا نعتز بكل لبيس عقال).

ويستخدم "العقال" في حل القضايا فيضع الدخيل عقاله حول رقبته بعد أن يفكه ويدخل على دار المجني عليه مثلا لحقن الدماء أو لطلب المعونة من صاحب البيت ليساعده بحل معضلته أو حتى حمايته من كل شر ممكن أن يؤذيه، وهناك من يرمي "العقال" في حضن الشخص المطلوب الدخول عليه وطلب إنقاذه أو التدخل لحمايته أو حل مشكلته أو مصيبته وهذا الشخص أهل للدخول إلى منزله كأن يكون شيخاً أو وجهاً من وجوه العشيرة، وبما أن العقال رمز للافتخار والعنفوان فإذا فقده الرجل أو سلب منه في مشاجرة، حتى لو كانت عادية فهي إهانة عظيمة لصاحبه ولعشيرته وقد تؤدي إلى القتل.

أما "الشورة البيضاء" فدورها في حالة الصلح عقد الراية ويتم رفعها والدوران بها أمام جميع الناس خلال الصلحة للدلالة على بياض القلوب ونهاية مرحلة الثأر والقبول بالصلح بالدية أو من دونها».

* لباس الفروسية:

أما لباس الفروسية فهو اللباس المعد لامتطاء الخيل والاستعداد للحرب مثل لباس الدرك القديم ولباس الجيش التركي، وعدة 





 لباس الاميرات-الأميرة دنيا السلوم أم فاعور- في عام 1931


الحرب هي لباس الخوذة المصنوعة من "السناسل" وتكون من "البولاد" وتنحدر على الكتف والجسم، ويلبس الدرع المنسوج من السلاسل المتشابكة مع بعضها بعضاً ليرد ضرب السيف وحماية جسمه».

* لباس المرأة

أما عن ملابس المرأة البدوية في الجولان تحدثنا الأميرة "حربة نايف الفاعور" والدة الشيخ "زعل" عن مكونات ثوب المرأة البدوية قائلة: «كان لباس النساء في القديم يتكون من "البنش" بفتح الباء والنون على طول الجسم وهو فضفاض وعريض ولبس الأميرات والشيخات يتكون من الجوخ الأخضر والجوخ العنابي المخملي أما بقية نساء العامية فهو من "الملس" بفتح الميم واللام أي قماش "الملس" الأسود اللون ويتكون لبس الرأس من "العصابة" و"الشمبر" ولون العصابة أسود أو خمري مخملي من الحرير الخالص ومقصب بالذهب أو الفضة الخالصة ومنذ أكثر من مئة وخمسين عاماً كن يلبسن الثوب الطويل وله ردن طويل».

وعن لباس الأميرات والشيخات أضافت: «هو ذاته لبس العروس البدوية بالجولان الذي يتكون من أربع أجزاء، الجزء الأول وهو الثوب الأبيض أو الحرير أو القصب أو الملون، الجزء الثاني ويخص توزع الذهب على الجسد ففي الرأس هناك "الشمبر الأسود" و"العرجة" أو "عرجة الذهب" حول الرأس، ثم "الشناط" بتشديد النون وفتح الشين وهو يمتد بشكل مباشر ورقيق من الجبهة إلى الخلف ليصل إلى بداية الرقبة أما "العصابة" فتحيط بالذهب أي توضع فوق الرأس.

ثم "التراكي" عند الأذن داخل "الشمبر" يعلق كالحلق، ثم "الصوالح" فوقهن ليصلن للصدر مشنشلات بليرات الذهب، الجزء الثالث "الفرملية" وهي من الجوخ المصنوع من خيط الذهب ويتم ارتداؤها في فصل الشتاء، الجزء الرابع العباءة الحرير وهي سوداء اللون».

* زينة المرأة

وتابعت الأميرة "حربة" لزينة أيدي المرأة: «يلبسن بسليتات الذهب وهن عريضات والأساور والخواتم من الذهب، عند خصر المرأة زنار الذهب وهو عريض تضم جهاديات وهن دائريات كالليرات ولكنها أكبر وأقل سماكة. أما ثوب الحداد فتطريزه باللون الأخضر أو الأزرق فقط، وهو يُلبس في أيام الحداد على المتوفين من أقارب، حيث تدوم فترة الحداد إلى انقضاء العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك، لذا يلبس 





 لباس الشيخات-الشيخة صبحة بنت ناصر السلوم- المكلل بالذهب
هذا الثوب طوال فترة الحداد وقد تطول أو تقصر فترة الحداد بحسب قرب المتوفى».

ويذكر أنه بعد انتصار الثورة العربية الكبرى وتتويج الملك "فيصل" ملكاً على سورية، قام الملك "فيصل" بزيارة عمرة الأمير "محمود الفاعور" بقرية "واسط" في الجولان، حيث أقام ضيفا على جميع أبناء الجولان لمدة شهر كامل، فأقيمت الحفلات والولائم لاستقباله ومن خلال عروض الخيل والفروسية لفت انتباه الملك فارس أجاد فن ضرب الرمح وبعضاً من فنون القتال التي أبدع بها بجدارة، وتفوقه على الفرسان، وأثناء التكريم كانت مكافأة الملك "فيصل" بنزع عقاله عن رأسه وتلبيسه للفارس "زعل إبراهيم السلوم" للاعتزاز بشجاعته ونزع العقال دليل على النخوة لكل خلق كريم وشجاعة، فكيف إن كان من ملك؟ فكأنه بتكريمه بعقاله لفارس عربي يدل على الطموح والأمل وبعودة الفارس العربي الفاتح.


لكل رشفة حكاية.. في فناجين بدو "القنيطرة" عبقها يجذب الضيوف... ودلالها فوق الرفوف

دللوها لأنها كانت تدللهم... وتعصر خلاصة قلبها صافياً في فناجينهم.. ومع أنها كانت مُرّة كطعم شظف العيش، إلا أنها وبكل محبة صنعت لهم مزاجاً طيباً وقدمت روحها نكهة صافية ولا أطيب.... إنها "الدلّة" التي احتفى بها كبار شيوخهم ووضعوها فوق الرفوف، أو فوق جمر اللظى لتُفَوّح عبقاً يشتمّه الضيوف من البعيد البعيد. 


الشفّة (الرشفة) من القهوة العربية كم تجاوز بسببها إنسان عن أخطاء إنسان وتقاربت القلوب والنفوس، وارتاحت لها الضمائر واشرأبت لها الأرواح فمازالت خيمتها عالية ومازالت أطنابها مشدودة، ومازالت الأرياح تتلاعب بها، مرحبة بالضيفان الذين يقدمون من أجل هذا الفنجان العربي. 

موقع eQunatyra زار الشيخ "زعل السلوم" شيخ عشيرة العجارمة بمضافته الواقعة في "جديدة عرطوز" بدمشق والتي تشكل ملتقى لأبناء العشيرة لسهراتهم وحل خلافتهم ليحدثنا عن القهوة بأنها ليس مجرد مشروب عادي في حياة البدو بل عالم مملوء بالأسرار، والدلالات الرمزية وارتباطها بالموروث الشعبي الجولاني قائلاً: «هي من أولويات إكرام الضيف، انتشرت في البداية من اليمن ثم انتشرت بالوطن العربي فأصبحت رمزاً من رموز العرب بمضافتهم، تختلف دلالات فنجان القهوة باختلاف المناسبة فعلى المعزب أن يقدم للضيف ثلاثة فناجين وهي على النحو التالي: فنجان (الضيف) هو فنجان الترحيب بالضيف سواء أكان معروفاً أم غير معروف وشرب هذا الفنجان لا بد منه، وعند اكتفاء الضيف بهذا الفنجان، عليه هزه مع عبارة (دايمة) أو (عامرة) بينما يدعى الفنجان الثاني فنجان (الكيف) يوصف شاربه بأنه صاحب معتاد على شرب القهوة، فنجان (السيف) هو الثالث ويفترض بمن يشربه أن يكون عوناً للمضيف في حالة الشدائد».

ويتابع الشيخ "زعل" عن تنوع مسميات فناجين القهوة لدى البدو بتنوع المناسبة منها: 

«* فنجان (الثأر) يؤمن المجتمع البدوي بالثأر كثيراً، جرائم القتل العمد لها عواقب خطيرة عند المجتمعات البدوية، عند حدوث جريمة أو شجار أو خلاف بين المتجاورين أو العشائر المجاورة الأخرى فتكلف جاهه لإصلاح ذات البين وتحضر جاهه لأهل المجني عليه أو لأهل المعتدي، ويجلسون عنده وتقدم القهوة العربية في هذه المناسبة إلى رئيس هذه الجاهة إلا أنها لا تشرب رأساً ويوضع الفنجان على أرض المضافة، ولا يشربه أحد منهم حتى يطلبوا أو يقولوا لأهل المجني عليه (أننا لن نشرب قهوتك حتى تلبي طلبنا) فيسألهم ما طلبكم؟؟ فيذكرون له طلبهم فيقول لهم: (ابشروا وصلتوا اشربوا قهوتكم واللي جايين عليه سيتم بأذن الله) فتشرب القهوة ويبدؤون بالقيام بتفصيلات وإجراءات الصلح، وأيضا تؤخذ (بالعطوة) لأنه عند ارتكاب الجريمة فالعرب لديهم عطوة أي فرصة لأهل الجاني حتى ينتقلوا إلى مكان آخر آمن ليسلموا من فورة الدم لان فورة الدم، قد تؤدي لحرق مساكن أو قتل مما يوسع الجريمة، لذلك يأتي بعض الوجهاء من العشائر الأخرى والمجاورة ليطلبوا (العطوة) وينزلوا لمضافة شيخ العشيرة فتقدم لهم القهوة ويرفضون شربها حتى يؤدى طلبهم.

* فنجان (الجاهة) في جاهة العروس عندما يتم طلب يد فتاة من أفراد العشيرة أو من عشائر مجاورة أو من مكان آخر فتشكل جاهة يترأسها شيخ العشيرة أو احد الوجهاء ليذهب إلى منزل والد العروس بعد تحديد للاجتماع بالطرف الآخر حيث يتم استقبالهم وبعد أن يأخذوا أماكنهم، تقدم لهم القهوة المرة فيتناول أكبرهم قدراً وسناً فنجاناً ويضعه على الأرض ويمتنع عن شربه حتى تلبى حاجتهم التي جاؤوا من أجلها بقوله: (لا نشرب هذا الفنجان إلا الجايين له نروح به)».



ما عن العادات البدوية الأصيلة المتوارثة في تقديم القهوة  الشيخ"زعل السلوم" بمضافتهالمرة فيقول السيد "محمد حسين اليعقوب العجرمي" مدير أوقاف القنيطرة سابقاً واصفاً مراحل صب القهوة: «هي على (القهوجي) قبل أن يعرضها على الضيوف أن يذوقها أمامهم أو يسكبها لصاحب البيت لاطمئنان الضيوف على سلامة القهوة (المذاق والطعم) يبدأ القهوجي صب القهوة من جهة اليمين لشيخ القبيلة من الضيوف وإن لم يكن تصب لأكرمهم ثم فارسهم ثم اليمين اليمين.

يبدأ تقديم القهوة للضيف باليد اليمنى، ولا يقدمها باليد اليسرى أبداً، يتناول الضيف فنجان المرة من (القهوجى) بيده اليمنى أيضا، وعند صب القهوة في الفنجان لا يتم ملؤه بل يصب ربع الفنجان فقط، ويعد عيباً كبيراً تقديم فنجان قهوة فيه كسر بسيط، يستمر (القهوجى) في تقديم القهوة للضيف حتى يهز الضيف الفنجان هزة خفيفة رمز الاكتفاء فيعرف (القهوجى) أن الضيف اكتفى».

وعن عادة كسر الفنجان قال: «يكسر الفنجان بعد أن يقدم لشيخ العشيرة أو المحافظ أو رئيس الدولة أو مسؤول كبير، فيكسر الفنجان بعد أن يشرب حتى لا يشرب بعده أحد بذات الفنجان وحتى لا يتجرأ أحد على الشرب من فنجانه للدلالة على قيمته وأهميته». 

من الأدوات التي تستخدم في إعداد القهوة لدى البدو قال: «(المحمصة) أو (المحماس) حسب لهجة البدو بالجولان تستخدم لتحميص القهوة، (المبردة) هي عبارة عن وعاء خشبي لتبريد الحب المحمص، (المهباش) منهم يطلقون عليه الجرن أو النجر، يستخدم لطحن القهوة مصنوع من شجرة البطم، أما الدلال هي مجموعة من الأباريق وتقسم ثلاثة أقسام: الأولى (المصب) تحوي قهوة مع الهيل المطحون وتقدم للضيوف،(الطباخ) هو اكبر من المصب وتوضع به القهوة المحمسة، (التشريبة) هو وعاء يضاف إليه ما تبقى من القهوة تسمى بالتشريبة (المجربة) هي وعاء مصنوع من جلد الماعز مدبوغ بشكل جيد حتى لا تكتسب القهوة طعماً ورائحة من الجلد وهو وعاء تخزن به القهوة سعة 5-10 كيلوغرامات».

ويتابع "العجرمي" عن طريقة تحضير القهوة العربية توضع كمية حسب الطلب ويتم تحميصه في (المحماسة) وتوضع على النار فيقوم (القهوجي) أو المسؤول عن القهوة بتحميصها لتأخذ لون الشقار الغامق، وعندما تنضج وتصبح جاهزة توضع في (المبردة) ويراعى ألا تلمس باليد فترة التبريد حفاظاً على طعم القهوة فقد قال البدو (خير القهوة من الحديد إلى الحديد لا تلامسها كفوف العبيد)، بعدها تؤخذ وتوضع (بالمهباج)، ودقها له أصول فلا يجب أن تكون ناعمة جدا ولا خشنة جدا، ثم توضع بوعاء (التشريبة)، لتغلي مدة نصف ساعة على نار خفيفة، بفترة الغليان على طباخها ألا يقوم بعملية (النفخ) على القهوة وهي بحالة الفوران وقيل (خير القهوة لا ملموسة ولا منفوسة)، يجهز حب الهال أو الهيل ليدق (بالمهباش) ونسمي المهباش بالعزّام بفتح العين آي يقوم بإعلام الفريق المحيط بالشيخ أو بالقرية بأنه اليوم عند الشيخ أو عند زيد من الناس تجدون القهوة المرة، فيأتون ليتناولوا القهوة لديه، توضع القهوة في المصب أو الدلة بعد إضافة الهيل المطحون».

وأضاف: «ثم يقوم القهوجي بصبها وتوزيعها على الضيوف، وهكذا حتى يشرب كل الضيوف الموجودون فيضعها على (النقرة) وهي مكان توضع فيه النار حيث الحطب الذي يشتعل فيتحول  

محمد حسين اليعقوب العجرميإلى فحم وتوضع عليه الدلة أو المصب حتى يبقى ساخنا أما بيومنا هذا فيتم وضع المنقل ويوجد مناقل ذات أشكال متعددة وأيضا تشعل به النار حتى يقال "ورث النار" الجمر والفحم وتوضع الدلة والركوة فيه حتى تبقى ساخنة لأنه لا يجوز تقديم القهوة المرة وهي باردة، وبلهجتنا من العيب أن تقول: قهوتك باردة: وإنما تقول: دافية، أي بحاجة لتسخين، وقليل من أفراد العشيرة التي يخلوا بيتهم من القهوة المرة سواء أكان فقيرا أم غنياً وهم يحافظون على هذه العادة وهي عادة ايجابية ويعتز بها العرب وحتى توارثها الأجانب عنا وأصبحت اليوم تقدم في كثير من الدول الأجنبية».


وعن سؤال للأستاذ والباحث "عبد الكريم الحمصي" ابن محافظة "درعا" حول معاني ودلائل المعاميل ودلال القهوة والمهباج أجاب: «هي أمامنا منظر ناطق نراه بأعيننا ونلمسه بأيدينا، معنى الدلال من الدلال أي البنت المدللة، البنت المدللة تكون جميلة لها أهلها الذين يحمونها وأنا أظن أن كلمة (الكانون) من كانون الذي هو فحل الشتاء والنار فاكهة الشتاء لذلك هذا الكانون دائما هو كانون ويحتاج الى النار من اجل تسخين القهوة العربية، ولماذا سمي الفنجان فنجانا؟ لأنه من فن الجان يهتز كما يهتز الجان كما كانت تعتقد العرب القديمة، أما (المهباش) فهو من الهبش والهبش هو الكسب أي كسب المال ليشتري به القهوة ويضع هذا الحب المحمس ويدقه دقا جميلا في هذا (النجر) أو (المهباش)، أما (المحماسة) فهي من الحماس والحماس من الشجاعة لان الكرم يحتاج إلى الشجاعة والى الحماس والى العزيمة والقوة فلذلك كل وليمة يقولون عنها في منطقتنا (عزيمة) وأن هذه المعاني تستحقها هذه (الدلال) وهذا (المهباش) وهذا (الكانون) وهذا (المحماس). 

ومن أشهر ما قيل عن الفنجان/ والشمس أغربت يا ابن شعلان /أريد أدور معازيبي/ والدلة تسكب على الفنجان/ يا بهارها جوزة الطيبي».

وعن معنى اسم (القهوة) قال: «يقال إنها مشتقة من (الاقهاء) وهو الاحتواء أي الكراهة أو الاقهاء بمعنى (الإقعاد) من أقهى الرجل عن الشيء أي قعد عنه، أيضا يقال إنها سميت لأنها تقهى شاربها عن الطعام، أي تشبعه أو تذهب بشهوته وقيل إن لفظ (القهوة) مأخوذ من كلمة (كافا) اسم قرية في الحبشة كانت أشجار القهوة تنبت حولها ومنها نحت اسم (القهوة)، أما النثيرة فستكون عن آمر طالما غفل عنه الناس، وهو أن القهوة تكون عربون محبة بين الحبيب والحبيبة، فعندما يقدم المحب لمحبوبته فنجانا من القهوة العربية فهذا يدل على عمق المحبة وصدقها. 

وأقول: بالبلاد نشميات حلوة وشبان 

وشياب للضيفان يقولون جيرة 

ودلال صفر مصحيات وفنجان 

ومن اللظى بشرابها مستجيرة 

يا بنت يا زين العرب ليك كردان 

ما يلبق إلا ليك لا يا أميرة

وقد تغنى الكثير من الشعراء بالقهوة العربية بشعرهم الفصيح والمحكي والتقينا مصادفة شاعر الربابة "يحيى القنطار" فاتحفنى لنا بالآبيات واصفاً القهوة العربية مغناة على الربابة فقال: 

يا واصفين البن وصف المحبين 

من الشوق للمحبوب كلا يعاني

البن ما هو بس كيف وتهجين 


البن سر الجود من شاعر الربابة"يحيى القنطار"دور هاني

ملقى النشامى بعاليات الدواوين

ومشروب أهلنا من قديم الزماني

وحولها شيوخ مثل جمع المصلين

بمقعد ترجاه طيب وأماني

ويا ما أحلى الفنجال بمقعد زين

يشفيك ولو انك صويب وتعاني

ومعزب الرحمن يزقي بفناجيل

ويبشر الجيران ضيفا لفاني.